ميلانو (أ ف ب)

يجد روبرتو مانشيني نفسه أمام مهمة دقيقة، عندما يواجه منتخب إيطاليا ضد ضيفه المنتخب البولندي ضمن دوري الأمم الأوروبية في كرة القدم، يدخل مدرب المنتخب الإيطالي «رسمياً» حقبة ترميم علاقة الشغف التي تجمع مواطنيه باللعبة، والتي تضررت بفعل الغياب التاريخي للمنتخب عن المونديال.
في مايو الماضي، ألقيت كرة النار في حضن المدرب السابق لإنتر ميلان ومانشستر سيتي الإنجليزي، عندما تم تعيينه مديراً فنياً للأتزوري خلفاً لجانبييرو فنتورا المقال، بعد الفشل في بلوغ مونديال روسيا 2018، وغياب أبطال العالم أربع مرات عن النهائيات للمرة الأولى منذ عام 1958.
مهمة مانشيني معقدة لأنها سهلة وصعبة في الوقت ذاته: سهلة لأن بلاده لم تبخل يوماً بالمواهب الكروية التي صنعت أمجاد المنتخب أو الأندية التي دافعت عن ألوانها، وصعبة لأن الغياب عن المونديال أدخل إيطاليا في أزمة عميقة، فيها من انعدام الثقة والمخاوف، كما فيها من العثرات والمصاعب، على درب العودة الذي من المفترض أن يعبد كاملا قبل كأس أوروبا 2020، وخصوصا قبل مونديال 2022. سيكون دوري الأمم المحطة الأولى، أمام منتخب بولندي آت من تجربة مخيبة في المونديال الروسي شهدت خروجه من الدور الأول، وفي مجموعة تضم أيضا البرتغال التي يغيب عنها قائدها كريستيانو رونالدو. ويسعى مانشيني (53 عاماً) لضخ دماء جديدة في المنتخب الأزرق، لاسيما بعد الاعتزال الدولي لمخضرمين أبرزهم حارس المرمى جانلويجي بوفون.
ومهد اعتزال بوفون الطريق أمام حارس ميلان الشاب جانلويجي دوناروما (19 عاما) للحلول بدلاً عنه بين الخشبات الثلاث للمرمى الإيطالي. وقال دوناروما قبيل مباراة بولندا التي تقام مساء اليوم في مدينة بولونيا «نحن مجموعة رائعة، شابة جدا، نحن مصممون على إعادة كرة القدم الإيطالية إلى المكان الذي تستحق أن تكون فيه. هذا واجبنا».
وتراجعت إيطاليا إلى المركز الحادي والعشرين في تصنيف الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، وهو أسوأ ترتيب في تاريخها.
وتوج الفشل في بلوغ النهائيات الروسية، مساراً انحدارياً للمنتخب منذ تتويجه بلقبه الرابع في مونديال ألمانيا 2006. خرج من الدور الأول في مونديالي جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014. وعلى صعيد كأس أوروبا، بلغ النهائي في 2012، وأقصى من ربع النهائي في 2008 و2016. وبعد سلسلة الخيبات في البطولات الكبرى، شدد مانشيني الذي قاد مانشستر سيتي عام 2012 إلى لقبه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد انتظار 44 عاما، على رغبته في اعتماد مقاربة جديدة مع الأتزوري.
وقال «أريد تجربة أمر مختلف» يشمل بالدرجة الأولى التركيز على العنصر الشاب، في فلسفة تستوحي من النجاح الذي حققه ديدييه ديشان مع منتخب فرنسا، وجاريث ساوثجيت مع إنجلترا، إذ أحرز الأول لقب مونديال روسيا، وبلغ الثاني الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1990، بتشكيلتين كانتا من الأصغر لجهة معدل الأعمار في نهائيات كأس العالم 2018.
واستدعى مانشيني إلى تشكيلته أربعة لاعبين لم يسبق لهم خوض مباراة دولية، منهم لاعب روما نيكولو تسانيولو الذي لم يشارك بعد في أي مباراة في دوري الدرجة الإيطالية الأولى.
وقال تسانيولو البالغ من العمر 19 عاماً «عندما شاهدت التلفاز ورأيت اسمي ضمن اللاعبين الذين تم استدعاؤهم، غمرني الفرح. لم أكن أتوقع ذلك. اتصلت بأبي وبدأت بالبكاء»، مضيفا «سألعب بتواضع، بالتزام، من خلال مشاهدة الأفضل ومحاولة معرفة بعض أسرارهم».
إلا أن مانشيني تلقى نبأ سيئا مع اضطرار لاعب موناكو الفرنسي الشاب بيترو بيليجري (17 عاماً) للغياب عن معسكر المنتخب بسبب إصابة.
ويمنح الناشئون والشبان مانشيني بعض الأمل. فالمنتخب الإيطالي دون 21 عاما بلغ الدور نصف النهائي لكأس أوروبا 2017 لهذه الفئة العمرية، ومنتخب ما دون 20 عاماً حل ثالثاً في كأس العالم لهذه الفئة العام ذاته.
وشكا مانشيني هذا الأسبوع من تراجع عدد اللاعبين الإيطاليين الذين يمنحون الفرصة للمشاركة مع أنديتهم، معتبرا أن ذلك يؤثر سلباً على مسعاه لإعادة بناء المنتخب. كما دعا مدربي أندية «سيري أ» في إيطاليا، إلى منح اللاعبين الشبان فرصتهم على أرض الملعب لتطوير موهبتهم. وقال «نحاول بعث رسالة قوية. نحن مقتنعون بأن الأقوياء من الشباب في إمكانهم أن يكونوا كذلك على مستوى أعلى. لم يبق أمامنا إلا أن ننتظر وأن نأمل بأن نرى شبابنا في الملاعب باستمرار وعلى أعلى مستوى».
أضاف مانشيني «في هذه اللحظة التاريخية لا يتواجد عدد كبير من اللاعبين الإيطاليين في أرض الملعب بشكل دائم. لهذا السبب، استدعينا عددا إضافيا من اللاعبين الشبان، لنتمكن من معرفتهم بشكل أفضل».
وكانت من أولى الخطوات التي أقدم عليها مانشيني، إعادة استدعاء اللاعب المثير للجدل ماريو بالوتيلي إلى المنتخب للمرة الأولى منذ كأس العالم 2014. وسجل مهاجم نادي نيس الفرنسي هدفا في المباراة الودية الأولى بقيادة مانشيني (2-1 على السعودية). وخاض المنتخب مباراتين أخريين انتهتا بخسارة أمام فرنسا 1-3 والتعادل 1-1 مع هولندا. وتضم الخيارات الهجومية لمانشيني لاعب لاتسيو تشيرو إيموبيلي (28 عاما)، وفيديريكو كييزا من فيورنتينا (20 عاما)، وفيديريكو بيرنارديسكي من يوفنتوس (24 عاماً). أما الدفاع، فسيشهد عودة لاعب يوفنتوس جورجو كييليني (34 عاما) للمرة الأولى منذ تصفيات المونديال.
وعنه قال مواطنه جورجينيو لاعب تشيلسي الإنكليزي «كييليني عاد وهو القائد، وهو نقطة الارتكاز والخبرة، لاسيما بالنسبة إلى الشبان».
وشدد على أن «إيطاليا لا تستحق أن تبقى حيث نحن الآن».